«.¸¸.·*¨`·» شبابنا «.¸¸.·*¨`·»
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

«.¸¸.·*¨`·» شبابنا «.¸¸.·*¨`·»

«.¸¸.·*¨`·» وبأدينا هيجى الخير لينا بينا ده بكره اكيد لينا «.¸¸.·*¨`·»
 
الرئيسيةالبوابةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة)))))

اذهب الى الأسفل 
3 مشترك
كاتب الموضوعرسالة
ahmed eed
العصفورة
العصفورة
ahmed eed


ذكر
عدد الرسائل : 1209
العمر : 38
ما هو حزبك الحكومة .المعارضة . المستقلين : رئيس المجلس
أسرة شبابنا : لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) 85e41b10
تاريخ التسجيل : 26/10/2007

لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) Empty
مُساهمةموضوع: لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة)))))   لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) Icon_minitimeالسبت يونيو 14, 2008 2:28 am


صغيرة‏..‏ وجميلة‏..‏ ووديعة‏..‏ فماذا ينقص القلب البريء لكي يهنأ بالحياة؟

ولماذا تبدو مثقلة دائما بالهموم كأنما قد خبرت الدنيا وعانت آلامها؟ أم هل صدمت في حبها الأول وعرفت مرارة الخديعة في الشباب الباكر؟ وهل ذاقت قسوة الرفض ممن تحب وجربت عذاب الشك في النفس؟ هل قست عليها ظروف الحياة فأورثتها ميلا غريزيا للحزن والشجن؟

لا يعرف حتي الآن‏..‏ فهي وافدة جديدة علي الإدارة التي يعمل بها‏,‏ ولم تمض أيام علي استلامها العمل منذ دخل المدير إلي الصالة الكبيرة التي تتناثر فيها مكاتب الموظفين ومعه هذه الفتاة‏,‏ ثم اتجه إليه باعتباره أقدم زملائه وأكبرهم سنا‏,‏ وقدمها إليه وطلب منه مساعدتها ورعاية خطواتها الأولي في العمل‏,‏ قائلا له‏:‏ إنها ابنة صديق قديم راحل ثم انصرف فصافحها يومها بترحيب فحيته بتهيب واحترام ودعاها للجلوس أمام مكتبه فجلست منكمشة كالقطة الخائفة‏,‏ سألها عن اسمها وسنها ومؤهلها الدراسي وأجابته بصوت خافت‏,‏ ثم تحير كيف يبدأ تدريبها علي العمل‏,‏ فاستأذنها في الغياب لحظات وتوجه إلي مكتب المدير وسأله عما ينصح بإعطائها من مهام فقال له المدير‏:‏ لا يهمني ما ستقوم به من عمل‏,‏ فلقد عينتها لأساعدها وأمها علي الحياة وفاء لأبيها زميلي القديم في بداية حياتي العملية‏,‏ وكل ما يهمني هو أن تقربها منك وتحميها من الذئاب وتزيل مخاوفها من الحياة‏.‏

فعاد من عند مديره وهو أكثر حيرة‏.‏

قرر أن يكتفي في اليوم الأول بتعريفها بطبيعة العمل في الإدارة فتحدث إليها عنه‏,‏ وعرفها بالزملاء‏,‏ واصطحبها إلي الأرشيف‏,‏ وعرفها بنظام العمل والعاملين فيه‏,‏ ثم رجع إلي مكتبه فجلست أمام مكتبه حانية الرأس حتي قال لها برفق‏:‏

يكفي هذا بالنسبة لك اليوم وتستطيعين الانصراف والعودة في الصباح‏,‏ فشكرته هامسة وانصرفت وتابعها بنظراته وهي تتجه إلي باب الخروج وازداد احساسا بالإشفاق عليها‏.‏

***‏

أزفت ساعة الخروج من العمل‏,‏ فتسابق الزملاء إلي باب الهيئة‏,‏ وخرج هو متثاقلا‏,‏ وعند باب المصعد التقي بزميل قديم من إدارة أخري فتصافحا وركبا المصعد معا وترافقا في الطريق بضع خطوات إلي أن جاءت نقطة الافتراق فسأله الزميل‏:‏ ستذهب إلي نفس المكان كالعادة؟‏..‏ فلم يجد دافعا للكلام وأجابه بابتسامة حزينة فودعه الزميل واتجه إلي محطة المترو‏,‏ وانحرف هو إلي الشارع الجانبي قاصدا وجهته اليومية إلي نفس المكان كالعادة؟‏..‏ نعم إلي نفس المكان وأين يذهب من كان وحيدا في الخامسة والخمسين من العمر مثلي لا زوجة تنتظره في البيت ولا أبناء كالذين تتشكون من متاعبهم ونفقاتهم كل يوم‏,‏ ولو جربتم الوحدة لعرفتم أي نعمة تتضجرون منها‏,‏ وقد مضت الأيام ولم يعد في العمر ولا في القلب متسع لحب أو زواج‏,‏ حتي الاخوة باعدت بيني وبينهم الحياة فهاجر شقيقي الأوسط إلي أمريكا‏,‏ ورحلت أختي الوحيدة مع زوجها إلي دولة عربية‏,‏ وتزوجت الصغري في أقصي البلاد حتي لتمضي الشهور بل والأعوام أحيانا قبل أن يزورني أحدهم‏,‏ نعم إلي أين يذهب من تبدد العمر من بين يديه هدرا فأضاع حب الجامعة بتردده أمام مسئولية الزواج وأضاع حب الرجولة بالشك في إخلاص من يحبها‏,‏ وأضاع الكرامة بتدلهه في حب من لم تحبه والتوسل إليها لأن تتزوجه فلم تقبل وتزوجت غيره‏.‏

بلغ في مسيره شارع عرابي‏,‏ فانتقل إلي الرصيف الأيمن وواصل السير حتي اقترب من مقصده وانحرف داخلا إلي البار الصغير‏,‏ واتجه إلي مائدته اليومية بجوار الحائط‏,‏ لم يكن في البار أحد سوي النادل العجوز فحياه بيده ورد النادل التحية مبتسما وبعد قليل جاءه بطبق الفول النابت وزجاجة بيرة‏,‏ وهو يسأله عن الأحوال‏:‏

ككل يوم ياعم فرغلي‏,‏ لا جديد ولا غريب تحت الشمس‏.‏

عاد النادل إلي موقعه فالتقط بعض حبات الفول وأكلها‏,‏ أول طعام يدخل إلي معدته هذا اليوم وكل يوم‏,‏ ففي مسكنه في الصباح لا يشرب سوي الشاي‏,‏ وفي العمل لا يشرب إلا القهوة ويدخن طوال الوقت‏,‏ فلا عجب إن بدا ممصوصا برغم ما يتجرعه من زجاجات الجعة كل يوم‏.‏

سيمضي ما بقي من نهاره في هذا المكان يرقب الطريق من فرجة بين الباب والبارفان الذي يستر صالة البار عن أعين المارة‏,‏ وسيشرب ثلاث زجاجات أو أربعا من البيرة‏,‏ وسيأكل إذا اشتد به الجوع وجبة خفيفة من لحم الرأس أو من الجبن والسميد يطوف بها بائع جوال بين البارات وسيتبادل التحية مع بعض الرواد اليوميين مثله وربما تبادل معهم التعليق علي الاحوال الجارية‏,‏ أما الغرباء فلا يجب الحديث إليهم أو التعرف بهم‏,‏ وسيعود إلي مسكنه الخالي في التاسعة أو العاشرة مثقل الرأس فيقرأ في فراشه قليلا أو يشاهد التليفزيون بعض الوقت ثم يستسلم لنوم ثقيل‏.‏

أيامه نسخ متكررة من أصل واحد لا يتغير‏,‏ فأين العزاء لمن كان داؤه الوحدة وخواء القلب‏.‏

***‏

بعد أيام التعارف الأولي جيء بمكتب صغير للموظفة الجديدة ووضع بالقرب من مكتبه وكلفها هو بمساعدته في بعض الأعمال التي يقوم بها فكأنما قد أصبحت مساعدة أو سكرتيرة شخصية له وأيد مدير الإدارة منصور بك هذا الوضع لثقته في أخلاقه وحسن معاملته للبشر‏.‏

الوافدة الجديدة اسمها سماح وفي العشرين من عمرها‏,‏ حصلت علي شهادة فوق المتوسطة وخرجت للعمل لتساعد أسرتها علي استكمال المشوار‏,‏ تبدو دائما خائفة ومهمومة‏,‏ فإذا اقترب منها زميل وتحدث معها في شيء خارج شئون العمل اتجهت بنظراتها تلقائيا إلي الاستاذ سليمان راعيها الجالس في هدوء إلي مكتبه كأنما تستشيره‏:‏ هل تجيب عن سؤال الزميل أم تتجاهله فيطمئنها بنظرته وهزة رأسه إلي أنه لا ضير في أن يتسلي الزملاء من حين لآخر بالحديث عن شئون الحياة‏!‏

فإذا لاحت من زميل بادرة خروج علي المألوف معها تجلي الذعر في ملامح وجهها الجميل وعجزت عن النطق‏,‏ فينجدها راعيها بحزم يستدعيه عند الحاجة‏,‏ ويزأر‏:‏

ـ أستاذ فلان‏,‏ عد إلي مكتبك‏,‏ ولا تعطل الآنسة عن عملها‏.‏

فيستجيب الزميل المشاكس بلا اعتراض‏,‏ وتتنفس سماح الصعداء وترمقه بامتنان‏.‏

الجميع في هذه الإدارة يحبونه‏,‏ فإن لم يحبوه فهم علي الاقل لايكرهونه‏.‏ وحتي إدمانه للجعة الذي يتجلي في احتقان وجهه يثير لديهم الاشفاق عليه أكثر مما يثير افتقادهم له‏..‏ وحتي الاستاذ جمال الذي لم ينج أحد في الهيئة كلها من لسانه أو أحقاده‏..‏ يكف لسانه عنه ويقول حين يجيء ذكره‏:‏إنه أحب وأطيب قلب في هذه الادارة اللعينة‏..‏ من بعده هو بالطبع‏!‏ فشاء له القدر أن يكون الناجي الوحيد من لسان هذا الموظف الحقود‏..‏ ولاعجب في ذلك فهو ملجؤه الوحيد الذي يقرضه في الملمات مايحتاج إليه من نقود حين يرفض الجميع إقراضه ويطيل الصبر عليه حتي يسدد دينه‏.‏

وكذلك يفعل مع معظم الزملاء الآخرين الذين يتشكون من ارتفاع الاسعار وطلبات الأبناء فلا يرد طلبا لاحد‏..‏ ومرتبه الكبير مع قلة احتياجاته نسبيا عن أصحاب الاسر ومع مايتلقاه من هبات غير منتظمة من شقيقه المقيم في امريكا ييسر له حياته بما يسمح من حين لآخر بأن يستجيب لطلبات قروضهم الصغيرة‏.‏ حتي مدير الادارة نفسه لجأ إليه أكثر من مرة وأقرضه في مناسبة زواج الابنة الكبري وحين احتاجت زوجته إلي جراحة ضرورية‏,‏ ويفعل ذلك دائما في صمت‏.‏

فلم يخف علي الوافدة الجديدة مايتمتع به راعيها من قبول لدي الزملاء‏..‏ فازدادت له احتراما وتقديرا‏.‏

ويوما لاحظ عليها قلقها واكتئابها‏..‏ فألح عليها بالسؤال عما يشغلها‏..‏ وحكت له أن شقيقها الاوسط‏,‏ لم يدفع رسوم معهده العالي حتي الآن‏..‏ والاسرة في ضيق من أمرها‏..‏ فسألها في هدوء‏,‏ وكم تبلغ هذه الرسوم؟

وأجابته بسلامة نية‏:‏ نحو‏300‏ جنيه‏.‏

فقال لها في صوت خفيض‏:‏ سيكون لديك المبلغ غدا‏..‏ فلا تحملي لذلك هما‏.‏

وتولتها دهشة طاغية‏..‏ واعتذرت له علي الفور عن عدم قبول المبلغ لأنها لاتستطيع رده‏..‏ فدعاها للجلوس أمام مكتبه وحدثها طويلا عن تقديره لها ورغبته في مساعدتها علي أمرها‏,‏ مؤكدا لها أن ذلك يسعده إلي أقصي حد ويجعل لحياته الخاوية معني‏,‏ وهون عليها الامر بأنه سيتقاضي منها دينه علي أقساط صغيرة كل شهر ولن يتضرر من ذلك‏,‏ لأنه لايحتاج إلي هذه النقود الآن‏..‏ ثم اختتم حديثه قائلا لها‏:‏

ـ ماقيمة النقود إذن يا ابنتي اذا لم يستطع الانسان أن ينجد بها زميلة طيبة مثلك في إحدي أزماتها؟

وحاولت الكلام فأشار إليها بيده طالبا منها الصمت وقال لها بحزم لطيف‏:‏

ـ عودي إلي مكتبك ياآنسة‏..‏ ولاتعطلي العمل‏!‏

فلم تتمالك نفسها من الابتسام شاكرة وعادت إلي مكتبها مطمئنة‏,‏ وفي اليوم التالي دس في يدها وهي تعرض عليه اوراقها مظروفا ابيض فتناولته بحياء وهي تشكره بصوت خفيض‏.‏

وفي بار الشروق‏..‏ استرجع في جلسته اليومية الصامتة وجهها الجميل وهي تغالب خجلها وترددها حين مدت يدها لتأخذ منه مظروف النقود فجاش صدره بالارتياح والابتهاج‏..‏ وقال لنفسه‏:‏

صغيرة وجميلة فلتهنأ لها الحياة مع من يخلص لها الحب‏!‏

ولم تتغير معاملته لها بعد ذلك في شيء‏..‏ فازدادت ثقة فيه وارتياحا واعتمادا علي توجيهاته الحكيمة في شئون العمل والحياة‏.‏

ومع مضي الايام ازدادت سماح اقترابا من رئيسها المباشر الاستاذ سليمان فعرف كل شيء عن حياتها وأسرتها وأمها وأشقائها‏,‏ فكأنما قد عاشر الاسرة سنين طويلة‏.‏ فعرف انها أكبر اخوتها ومات عنها أبوها وهي في الحادية عشرة فواجهت الحرمان في سن مبكرة‏..‏ وعرف أن خالها الوحيد هو الآمر الناهي في حياة أسرتها مع أنه لايساعد الاسرة ماديا في شيء‏..‏ وعرف أنها صديقة أمها الاولي التي شاركتها الاحساس بالمسئولية عن الاسرة‏,‏ منذ الطفولة‏.‏ اما الاخوة الآخرون فمازالوا يتعاملون مع الحياة بخفة لاتتناسب مع ظروف الاسرة القاسية ويرهقون الأم بمطالبهم وغضبهم حين تعجز عن تلبيتها‏,‏ اما القلب فلم يجد في جفاف الحياة نسمة راحة تشجعه علي ممارسة ترف المشاعر‏,‏ في حين تعلقت أختها الصغري وهي في السابعة عشرة من عمرها بفتي من جيرانها لم ينه بعد دراسته الجامعية ولايملك شيئا وفرضته علي الاسرة فرضا غير مقدرة لعجزها عن تلبية مطالب الارتباط قبل أن تعمل أختها‏.‏ فتجمع الاشفاق في عينيه وهو يسألها‏:‏

ـ خطبت شقيقتك الصغري قبلك؟ ياله من تسرع‏!‏

فأجابته بأن شقيقته مدللة‏..‏ وسريعة البكاء‏..‏ فلم تشأ أن تقسو عليها وتفيقها من أوهامها علي واقع الاسرة المرير‏,‏ وإنما تجاوبت معها وأقنعت أمها بإتمام الخطبة علي أمل أن تتحسن الاحوال في المستقبل‏,‏ وسوف تساعدها بجزء من مرتبها علي تدبير مطالب الزواج‏.‏

فتساءل صامتا‏..‏ وكيف يفي مرتبها الصغير بكل هذه الأعباء‏.‏ وماذا يبقي منه لنفسها؟

ويوما بعد يوم أصبحت سماح هي اهتمامه الأول في الحياة وأصبحت صورتها وصوتها يلازمانه في جلسته اليومية في بار الشروق وفي مسكنه الخالي في المساء‏,‏ وأصبحت أسرتها هي عالمه الجديد الذي يتنقل في أرجائه في خياله‏..‏ فيعرف متي تسعد الأم وتبتهج ومتي تكتئب ويتولاها الضيق‏..‏ ومتي يجئ الخال المتعجرف لزيارتهم ويأمر وينهي في حياتهم دون أن يتكلف لهم شيئا حتي في أشد أيام المعاناة فإذا بادرته امها بالشكوي من شيء سبقها بالشكوي من قلة رزقه وكثرة نفقات الابناء واضطراره للاستدانة ليلبي مطالبهم الضرورية‏..‏ ثم يتعجل إنهاء زيارته للاسرة وينصرف مشيعا من أمها بالدعاء له لانه الوحيد الذي يهتم بأمر الاسرة‏,‏ ومن أخوتها الصغار بالسخط علي اهتمامه بالظهور بمظهر رب الاسرة دون أن يتحمل شيئا من تبعات ذلك‏,‏ حتي أكلاتهم المفضلة أصبح يعرفها ويعرف مواعيدها ويتخيل إفطار يوم الجمعة المميز الذي تجتمع حوله الاسرة بكاملها في ابتهاج حقيقي حتي في أحلك الظروف وتطهو فيه الام طبقها المفضل من الفول والبيض والبسطرمة‏.‏

وبعد عام من تعيين سماح بإدارته أصبح يتحدث معها عن كل فرد من أفراد أسرتها بما يوحي لشخصيته وتصرفاته‏..‏ وأصبحت تستشيره في كل شئون حياتها وأسرتها فيشير عليها بما تثبت لها الايام صحته وحكمته‏,‏ ثم دعته سماح للغداء مع أسرتها في أحد أيام العطلة الاسبوعية فرحب بالدعوة التي ترقبها طويلا‏,‏ وحمل علبة فاخرة من الشيكولاتة وتوجه إلي بيت الاسرة فلاحظ رثاثة الاثاث واستمتع بروح الاسرة التي يفتقدها في حياته‏..‏ وأحب الأم والشقيق الاوسط والشقيقة الصغري بلا تحفظ وترك لدي الجميع انطباعا طيبا‏.‏

ولم يمض وقت طويل حتي رد الدعوة للاسرة في مسكنه وجاء بوجبة من الكباب من المطعم القريب فاستمتعت الاسرة وسعد معها بوقت بهيج‏,‏ ولم تتكرر الدعوة بعد ذلك منها أو منه ورضي بذلك بعد أن حقق رغبته في أن يري الاعزاء الذين تخيلهم مرارا ورسم لكل منهم صورة قريبة من الواقع من حديث سماح عنه‏,‏ وذات يوم ضبط نفسه وهو يحلق ذقنه في المرآة يفكر فيها ويسأل نفسه كيف ستبدو في عينيه هذا الصباح؟

ويوما غابت عن الحضور الي العمل‏..‏ فلاحظ علي نفسه قلقه واكتئابه وثقل الوقت عليه حتي استأذن مديره علي غير العادة في مغادرة العمل وتوجه الي بار الشروق فبدأ جلسة الشراب مبكرا عن موعدها‏.‏

وفي اليوم التالي جاءت شاحبة الوجه فبادرها بالسؤال عن سبب غيابها بالامس وأجابته بأنها قد أصيبت بنوبة برد حادة ولم يقتنع قلبه بهذا التفسير‏..‏ فانتهز فرصة عرضها بعض الاوراق عليه وقال لها‏:‏ لاتبدو عليك آثار نزلة البرد‏..‏ فصارحيني بالسبب الحقيقي لغيايك امس وتأكدي من استعدادي لمساعدتك في أي شيء مهما يكن شأنه‏.‏

فكادت دموعها تغلبها‏..‏ وروت له أن شقيقتها الصغري أثارت زوبعة في البيت بسبب حفل الخطبة الذي سيقام بعد أسبوع وإصرارها علي أن يقام في ناد نهري قريب من بيتهم برغم علمها بظروف الأسرة وعجزها عن تحمل تكاليفه‏.‏

فقاطعها قائلا بهدوء‏:‏ ستكون لديك تكاليف الحفل صباح غد وسيزيد القسط الشهري الذي تدفعينه لي مبلغا صغيرا‏,‏ وهمت بالاعتراض فلم يدع لها مجالا لأي اعتراض واستخدم معها حزمه الرحيم آمرا إياها بالعودة إلي مكتبها‏.‏

وفي اليوم التالي سلمها مظروفا آخر وسد عليها كل أبواب الاعتذار‏,‏ مؤكدا لها من جديد أن سعادته في أن يفعل ذلك‏.‏

وفي جلسته بالبار ذلك اليوم استرجع حيرتها وحرجها ومحاولاتها لرفض المظروف‏..‏ ثم استسلامها في النهاية لقبوله وعلامات الارتياح التي تسللت رغما عنها إلي وجهها فقال لنفسه‏:‏ لك‏..‏ ولمن تحبين‏..‏ أريد أن أقدم كل شيء‏..‏ كل شيء‏..‏ بلا استثناء‏..‏ فلا تحرميني من هذه السعادة‏.‏

وعاد إلي بيته سعيدا راضيا عن نفسه في المساء‏..‏ وبعدها بأيام استدعاه مديره وهو صديق قديم جمعت بينهما رحلة الحياة سنوات عديدة وسأله عن شئون العمل بعض الوقت ثم نحي أوراقه جانبا وقال له‏:‏ سماح شديدة العرفان لك لما تفعله معها ومع أسرتها‏..‏ لكن ألا تبالغ قليلا في الاهتمام بأمرها؟

وأجابه محرجا‏:‏

ألم تطلب مني رعايتها وحمايتها؟

سكت المدير لحظات ثم قال له‏:‏

نعم طلبت منك ذلك ولست أخشي عليها من شيء معك‏..‏ لكني أخشي عليك أنت نفسك‏..‏ فنحن الآن في سن لاتحتمل عذاب القلوب‏,‏ فهل تحــب أن أنقلها إلي إدارة أخـــري بعيدا عنك قبل أن يحدث ما لا تحمد عقباه؟

فاحمر وجهه خجلا وانفعالا‏..‏ واطرق برأسه طويلا ثم رفع وجهه أخيرا وقال له‏:‏

ــ لاتخش شيئا‏..‏ فلست بالإنسان الذي يعمي عن واقع عمره وظروفه‏,‏ فاذا كنت استريح لهذه الفتاة الطيبة‏,‏ فلن يتجاوز التعبير عن هذا الارتياح حدوده أبدا ومهما طال العمر ولن يكون له أي أثر تخشاه‏.‏

وشاركه صديقه الصمت لحظات ثم سأله فجأة‏:‏

ــ لماذا لاتتزوج من أرملة أو مطلقة مناسبة لك في السن لتشغل بها فراغ حياتك؟

ونهض الصديق القديم قائلا‏:‏ عالمي صغير ومحدود ولايتجاوز هذه الادارة وبار الشروق ومسكني وليست لي علاقات اجتماعية مع أحد فمن أين اجد هذه الشريكة؟ وهبني وجدتها فكيف أتواءم معها بعد هذا العمر الطويل من الوحدة‏..‏ فلقد فاتني القطار ياصديقي ولم أعد حتي راغبا في اللحاق به‏.‏

وغادر مكتب المدير مشيعا بنظرات الاشفاق وفي مكتبه رمق سماح المنحنية علي مكتبها بحنان غريب وقال لنفسه‏:‏ حتي الامتنان ياصغيرتي يجب ان تكتميه عن الآخرين حتي لايحرمني أحد منك‏!‏

ثم لاحظ بعد قليل تكرار ظهور موظف شاب وسيم من ادارة أخري في ادارته وتعمده الحديث معه مسددا سهام نظراته إلي سماح‏..‏ فعامله بجفاء مقصود لكيلا يشجعه علي العودة من جديد‏..‏ لكنه واصل الالحاح والظهور بلا نهاية‏..‏ وهم ذات مرة أن ينهره ويثير أزمة معه فلاحظ فجأة ظل ابتسامة علي وجه سماح تتجاوب بها مع نظراته ومحاولاته للكلام معها‏..‏ فتراجع عن نيته عاجزا وسلم بأن السهم قد نفذ وفات أوان الاعتراض‏.‏

وبعد أيام رآها تتحدث مع هذا الموظف الشاب بترحيب لافت للنظر وتضحك بسعادة علي حديثه‏,‏ فغالب مشاعره المتضاربة طويلا قبل أن يستسلم لإحساس لم يألفه من قبل‏..‏ إحساس يجمع بين شيء من الغيرة من هذا الشاب الوسيم وشيء من الاعجاب به في الوقت نفسه‏.‏

وبعد جلسات يومية متكررة في بار الشروق ظل خلالها يقلب الأمر علي كل وجوهه وجد نفسه في النهاية مستعدا لأن يعين سماح علي الارتباط بهذا الشاب بشرط واحد هو ألا يحرمه الغازي الجديد من حقه في رعايتها والاهتمام بأمرها قبل الزواج‏.‏

في صباح اليوم التالي بادرها بالحديث قائلا‏:‏

ـ انتظرت طويلا أن تحدثيني عن أمر ما فمتي تبدئين الحديث عنه؟

فتضرج وجهها بالإحمرار وقالت له‏:‏

كنت سأحدثك بشأنه لكني انتظرت أن تشجعني أنت علي الكلام عنه‏.‏

فقال لها باهتمام لم تع كل أبعاده‏:‏

تحبينه؟

وأجابته بانحناءة صامتة من رأسها‏..‏ فجاش صدره لها فجأة بالعطف والحب حتي كادت تفضحه نظراته وسألها‏:‏ ومتي ينوي أن يتقدم لك؟ فأجابته بمرارة‏:‏ دون ذلك أهوال وأهوال‏..‏ فإمكاناته محدودة‏..‏ وظروف أسرتي كما تعلم‏.‏

فتولاه غضب غير مفهوم فجأة وقال لها بحدة‏:‏

ـ ماذا في ظروف أسرتك يمنع من تحقيق سعادتك كأختك؟

إن أسرتك عادية ككل الأسر‏..‏ وأنت موظفة وهو موظف‏..‏ فابدآ الآن فورا وبلا مراوغة‏!‏

فقاطعته قائلة بإشفاق‏:‏ لكن أسرتي ستعجز عن الاسهام في زواجي بأي شيء‏,‏ حتي الحفل العائلي البسيط لإعلان الخطبة قد تعجز عن تكاليفه‏..‏ فكيف نبدأ الآن وسط هذه الظروف‏.‏


فازداد انفعاله الغاضب وقال لها‏:‏ ومن قال لك أولا إن حفل خطبتك سيكون عائليا وبسيطا‏..‏ ومن قال لك إن أسرتك هي التي ستتحمل تكاليفه؟

أليس لك أب سوف يسعده أن يقدم لك هذه الهدية البسيطة؟

فاتسعت عيناها من الدهشة وتعثرت الكلمات في فمها ثم قالت له‏:‏

..‏ ولكن‏!!‏

فقاطعها رافعا إصبعه في وجهها‏:‏

هذا قراري ولا مناقشة فيه وعليك أن تنفذي كل أوامري في هذا الشأن فورا فادعي هذا الشاب لكي يخطبك مني أولا قبل أن يتقدم لأسرتك‏..‏ وسأحدد له موعد الخطبة وأقوم عنك بكل شيء ولا أريد معارضة منك في هذا الشأن‏..‏ مفهوم؟

وظل رافعا إصبعه في وجهها مفتعلا الحزم معها فراحت ترقب لبرهة وجهه الطيب المريح المحتقن دائما بالإحمرار من تأثير الخمر‏,‏ ففاضت نفسها له حبا وعطفا وامتنانا وأجابته مستسلمة‏:‏

مفهوم ياأفندم‏..‏ وشكرا لك‏.‏

فارتخت أساريره رويدا رويدا وتسلل إليه إحساس غريب بالارتياح والبهجة المشوبة بالحذر من أن يفقد سعادته الوحيدة في الحياة ذات يوم وقال لنفسه متعجبا من استكثارها عليه أن يفعل ذلك‏:‏ ماذا دهي هذه الفتاة‏..‏ ألم أكن واضحا مع نفسي حين قلت إنني أريد أن أقدم لها ولمن تحب كل شيء في الحياة‏..‏ كل شيء؟‏
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.6rbtop.com
Skran_garhy
مخبر
مخبر
Skran_garhy


ذكر
عدد الرسائل : 610
العمر : 33
أسرة شبابنا : لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) 85e41b10
تاريخ التسجيل : 04/11/2007

لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) Empty
مُساهمةموضوع: رد: لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة)))))   لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) Icon_minitimeالسبت يونيو 14, 2008 3:15 am

راااااااااااااااااااااااااااااائع يا عيد
وياريت تمتعنا بالمزيد
وشكرااااااااااااااا ع الموضوع
نايس توبيك
ف انتظار المزيد
عمر سكران من عشق قصص احمد عيد ومن يحيا مواقف منها
ننتظر المزيد
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ahmed eed
العصفورة
العصفورة
ahmed eed


ذكر
عدد الرسائل : 1209
العمر : 38
ما هو حزبك الحكومة .المعارضة . المستقلين : رئيس المجلس
أسرة شبابنا : لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) 85e41b10
تاريخ التسجيل : 26/10/2007

لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) Empty
مُساهمةموضوع: رد: لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة)))))   لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) Icon_minitimeالسبت يونيو 14, 2008 11:07 am

شكرا لمرورك يا سكران واعدك بالمزيد
ان شاء الله
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.6rbtop.com
queen of roses
مخبر
مخبر
queen of roses


انثى
عدد الرسائل : 1222
العمر : 35
أسرة شبابنا : لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) 85e41b10
تاريخ التسجيل : 18/12/2007

لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) Empty
مُساهمةموضوع: رد: لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة)))))   لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) Icon_minitimeالإثنين يونيو 16, 2008 10:02 pm

بجد يا عيد

انا اندمجت فيها لدرجه انها ملكتنى وحسيتها جدا
بجد رائعه وفوق الرائعه
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
ahmed eed
العصفورة
العصفورة
ahmed eed


ذكر
عدد الرسائل : 1209
العمر : 38
ما هو حزبك الحكومة .المعارضة . المستقلين : رئيس المجلس
أسرة شبابنا : لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) 85e41b10
تاريخ التسجيل : 26/10/2007

لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) Empty
مُساهمةموضوع: رد: لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة)))))   لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) Icon_minitimeالثلاثاء يونيو 17, 2008 2:24 am

شكرا على المجاملة الجميلة دى يا كوين
اعدك بالمزيد لو كانت عجبتك
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
http://www.6rbtop.com
queen of roses
مخبر
مخبر
queen of roses


انثى
عدد الرسائل : 1222
العمر : 35
أسرة شبابنا : لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) 85e41b10
تاريخ التسجيل : 18/12/2007

لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) Empty
مُساهمةموضوع: رد: لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة)))))   لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة))))) Icon_minitimeالأربعاء يونيو 18, 2008 12:28 pm

انا مش بجامل يا عيد

وبجد عجبتنى جدا
وياريت لو ممكن تنزل مواضيع زى دى تانى
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لكى ولمن تحبين(((حلقة جديدة)))))
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سياسة جديدة
» وقــفـــة ... نحو حياة جديدة

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
«.¸¸.·*¨`·» شبابنا «.¸¸.·*¨`·» :: .¸¸.·*¨`·» نفساوى شبابنااااا .¸¸.·*¨`·»-
انتقل الى: